Category Archives: Arabic Devotions تأملات

الأرض التى تجسستها لهم

“فى ذلك اليوم رفعت لهم يدى لأخرجهم من أرض مصر إلى الأرض التى تجسستها لهم تفيض لبناً وعسلاً هى فخر كل الأراضى”

(حزقيال 20:6)

فى صباح يوم مشرق شمسه ساطعة وأنا أناجى إلهى المحب الذى منحنى هذا اليوم الجميل المبهج سمعته يهمس فى أذنى بهذه الآية ويلح عليّ بعبارة أنا تجسست لهم الأرض. وجدت نفسى وأنا فى جهالة مثل يوسف حينما أراد أن يصحح لأبيه يعقوب وضع يديه على رأسي إبنيه إفرايم ومنسى حينما أراد يعقوب أن يباركهما. لقد ظن يوسف أن أباه يعقوب قد أخطأ (تكوين 13:48-20

أندفعت فى جهلى وفى تسرع مني قلت “ليس هكذا ياإلهى” لأنى لضيق معرفتى ظننت أن موسى هو الذى أرسل اثني عشر رجلاً ليتجسسوا على الأرض (عدد 2:13) وفي لحظة ظننت أننى أعرف أكثر من ذلك فقد قرأت أيضا عن يشوع أنه أرسل جاسوسين ليتجسسا على أريحا قبلما عبرا بالشعب نهر الأردن (يشوع 1:2

وإذا بالهى المحب وفى حكمته المنقطعة النظير وبنفس الهدوء والسلام المريح الذى تعودته فى حديثى معه يجيبنى قائلاً “علمت يابنى ما تقول” وأسترسل قائلاً “وهذا صحيح فهذا ما أخبرتك به فى كتابى ولكن ما لا تعرفه أنه قبلما أرسل موسى ويشوع الرجال ليتجسسوا ويستطلعوا أخبار الأرض التى سيسكنها شعبى بل وقبلما أخرجت إبراهيم من أرضه ومن وسط عشيرته (تكوين 1:12) كنت أنا أتجسس كل الأرض وأبحث فى كل مكان لأختار أفضلها لأُسكن فيها شعبى المحبوب لى جداً والغالى على قلبى”

وإذا به يفتح ذراعيه ويضمنى إلى صدره فى حنو أبوى ملئ بكل الدفء ويقول “وأنت أيضاً يا إبنى المحبوب والذى من أجلك لم أُشفق على إبنى بل بذلته من أجلك (رومية 32:8)  كيف لا أتجسس كل مكان لأسكنك أفضل الأماكن وكيف لا أبحث عن كل شئ لأعطيك أفضل الأشياء”

وإذا بى أفتح عينى ليس من نوم ولكنه اللقاء بعريس نفسى الذي أسترحت على صدره فهو من أعطانى البصيرة الروحية لأعلم علم اليقين أن إلهى المحب هو الذى دائما وفى كل شئ

“يتجسس الأرض لى”

إنزل عن الصليب

” إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل عن الصليب فنؤمن به “

( مت 42 : 27 )

وجدت نفسى أخترق الزحام لأرى عن قرب يسوع المصلوب وحاولت جاهدا ولكن كل واحد يريد أن يكون قريبا من المشهد كما أريد أنا . فوصلت إلى مكان ليس بقريب جدا ولكن أستطيع منه أن أرى جيدا . حاولت أن أميز من من الثلاثة هو يسوع فكلهم فى غاية الإعياء وعلامات السياط على جسدهم واضحة والدماء ملطخة أجسامهم ، لولا أن الكتاب قال أنه صلب فى الوسط لما كنت عرفته ( لو 33:23 )

صياح الناس من حولى دوى عاليا فمنهم من كان يسب ويلعن ومنهم من كان ينظر باحتقار ويبصق على الأرض مشمئزا من المصلوبين ( أش 3،2:53 )، وإذا بإمرأة وزوجها وأولادها واقفين بجانبى: وما كفت هذه المرأة عن السباب والتأكيد على أن يسوع مجرم مثل الاثنين المصلوبين معه. ألتفت إليها وقلت ” ألست أنت المرأة التى شفى يسوع ابنتها العام الماضى ؟” قالت نعم أنا هى ولكن كيف تعرفنى ؟ قلت ” كنت هناك فى ذلك الحين ” وأكملت قائلا ” ولكنى أراكى الآن تسبين وتلعنين وتؤكدى أن من شفى ابنتك مجرم” فقالت لى ” أأنت غريب عن أورشليم ؟ ألم تدرى أن رؤساء الكهنة ومجمع السنهدريم قال أنه مذنب ويستحق هذا ؟ وفوق كل ذلك فرئيس الكهنة يتحداه الآن قائلا “………. انزل عن الصليب” ثم تابعت قائلة ” ولكنك كما ترى أنه فى كامل الوهن والضعف ولا حتى يستطيع أن يثبت لرؤساء الكهنة أو لنا جميعا أنه قادرعلى أن ينزل عن الصليب “

لم أجبها بكلمة ولكنى نظرت إلى يسوع المصلوب وقلت ” ربى إنى لمتأكد أن الذى آلمك ليس السياط ولا الصليب ولا المسامير مثلما آلمك صياح هؤلاء الذين كنت تجول بينهم تصنع خيرا وتشفى مرضاهم وتخرج الشياطين وتقيم موتاهم وتكلمهم عن ملكوت الله ، وهم الآن ينعتوك بأنك مجرم وتستحق ما عوقبت به ويصيحون مع رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين ويقولون :

 ” إنزل عن الصليب “

الأتضاع

” اتضعوا قدام الرب فيرفعكم “

(يعقوب 10:4)

وأنا أتأمل فى عبارة ” اتضعوا ” وفي ماذا تعنيه، وجدت الروح يقتادنى إلى معنى واحد وهو أن يعترف الانسان بخطئه. وإذا بى أتقابل مع شاول الملك وصموئيل النبى فى صموئيل الأول الإصحاح 13. فى مواجهة قوية قال صموئيل لشاول الملك ماذا فعلت ؟ نظرت إلى شاول الملك منتظرا أن يعترف بخطئه ، ولكنه قدم عذرا وتبريرا فيما فعل ولم يقل أخطأت فكان هذا الرد الصعب من صموئيل ” قد انحمقت ” . تركتهم ومضيت فى طريقى وأنا حزين على شاول لأنه لم يتضع ليعترف بخطئه.

لكن يا نفسى لماذا تنظري إلى شاول وكأنك لم تكونى شاول فى يوم من الأيام، ليس لمرة واحدة بل لمرات فى عمرك ، فكم كان يحلو لك أن تبررى لنفسك فيما تفعلى، أحيانا فى هدوء بالحجة والمنطق كما فعل شاول وتظنى أن من سمعك صدق ما قلته واحترم فيك كبريائك وتبريرك ولكن الحقيقة أنهم يتركونك وهم يقولون فيما بينهم ” لقد انحمقت هذه النفس “

وعد الكتاب حلو لكل من يريد أن يتضع ولكن الذات تخيفه بأنه سيصير مرذولا فى أعين الناس ، هذا الوعد     ” أتضعوا …. فيرفعكم ” . يحضرنى هذا الاختبار الذى جزت به فى عام 2013. غار الشيطان منى ومن الخدمة التى باركنى الرب بها بنعمته فأوقعنى فى الخطية وشهر بى إلى أقصى درجة حتى أنه ذهب ليقول لشعب كنيستى ما معناه أننى إنسان شرير واستحق أكثر مما عوقبت به.  وإذا به يرى الشعب, بعد أن أنتهى من حربه الشنعاء التى شنها ضدى, يتكلمون عن فضائل وعن خدمات استخدمنى الله فيها فكان فى صدمة . هذا حدث لأن الشيطان لم يعرف أننى اعترفت لكل من زارنى بأننى أخطأت وأننى أستحق العقاب مؤمن بوعد الرب :

” اتضعوا قدام الرب فيرفعكم “

غاسل الأرجل

” صب ماء فى مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التى كان متزراً بها ”

(يو 5:13)

ذهبنا فى رحلة تبشيرية فى صيف عام 2009 إلى كينيا وبينما كنا هناك احتفلنا بعيد الرسل الذى يوافق 12 يوليو. فى طقس قداس عيد الرسل نتمم طقس غسل الأرجل وقد صليت القداس هناك ومارست طقس غسل الأرجل للشعب الحاضر القداس وهم كلهم من أهل المدينة . كانو كلهم حفاة أو يرتدون (الشباشب) وطبيعة الطرق هناك ترابية وغير مسفلتة . جلست على الأرض لأغسل أقدامهم من تراب الطريق وشعرت وكأننى ولأول مرة أمارس هذا الطقس لأنى فى كل مرة خلال سنوات الكهنوت سواء فى مصر أو في أمريكا كنت فقط أرشم القدم ولشعب أرجله نظيفة أفراده يرتدون شرابات وأحذية . حينما انتهيت من غسل أرجل الشعب فى كينا كانت أرضية الكنيسة فى المكان الذى غسلت فيه أرجلهم عبارة عن وحل وطين (تراب ورمل ممتزج بالماء) نظرت إلى الأرض الموحلة بالطين وفرحت  ، فرحت لأن الأرض موحلة ولكن أرجلهم صارت نظيفة.

هذه الحادثة أخذتنى إلى هذا المشهد حينما جلس يسوع على الأرض ليغسل أرجل التلاميذ وتأملت فى غاسل الأرجل الرب يسوع الذى غسل التلاميذ من الجبن (بطرس) ومن الشك (توما) ومن السقوط فى امتحان الإيمان (فيلبس ف إشباع الجموع) ومن الخوف (كل التلاميذ عند الصليب)

رب المجد يسوع سألنا أن يغسل بعضنا أرجل بعض ولكن أتساءل كم واحد منا بالحقيقة غاسل أرجل أو مستعد أن يكون غاسل أرجل ؟ من منا مستعد أن يجلس فى مكان موحل بينما كل من أتى إليه يذهب من عنده نظيفا ؟

ليس الأمر هين ولكنى أصلى من أجل ضعفى ومن أجل الكنيسة ومن أجل الخدام والرعاة فى كل العالم أن نتحلى بهذه الخدمة العظيمة ” خدمة غسل الأرجل ” وليس لنا أن نتعلم إلا من:

” غاسل الأرجل الحقيقى رب المجد يسوع “

لا تُقسى قلبك

” إن كان فيك فقير أحد من إخوتك فى أحد أبوابك فى أرضك التى يعطيك الرب إلهك لا تقسى قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير ” (تث 7:15 )

ذهبت إلى سفر راعوث وإذا بى أنجذب إلى حديث أولئك النساءالثلاث (راعوث 8:1 ) وإذ شدنى هذا الحوار وقفت لأتابع كيف سينتهى . سمعت نعمى تقول لكنتيها ” إرجعا ” (عدد 11) ، قلت فى ذهنى هذا الكلام معقول فهى إمرأة عجوز وليس لديها أولاد آخرين لتعطيهما أزواجا ولا تملك شىء فى هذا البلد الغريب . وإذا بنعمى تقول تماما ما فكرت فيه . هذا هو المنطق والعقل. بالطبع ليس هناك داع ولا مبرر ان يذهبا معها وهما ليستا إسرائيليات ولا يعرفا عادات وتقاليد هذا الشعب ونعمى ليست إمرأة ثرية كى ينجذب رجال إسرائيل لكنتيها ويأخذاهما زوجات لهم . وإذ أتابع الحديث الجارى بينهن رأيت عرفة تقبل حماتها وترجع إلى بيت أهلها فقلت فى نفسى قد فعلت الصواب وتصرفت بالعقل والمنطق . لكن ما لفت إنتباهى أن راعوث لم تفعل مثلما فعلت عرفة بل ألحت على حماتها أن تبق معها . وجدت نفسى أمام هذا المشهد لا أستطيع أن أقف صامتا وأنا أرى راعوث تتصرف بغير عقل ، كيف تذهب مع إمرأة عجوز فقيرة غير قادرة على أن تعول نفسها ؟ همست فى إذن راعوث وقلت فكرى قليلا فيما تنوي أن تفعلى، هذه المرأة العجوز فقيرة وهى عالة على أى إنسان ولا يستطيع أحد أن يتكفل بمصاريفها. فالتفتت إلى راعوث وسألتني: ألا تؤمن بإله إسرائيل ؟ قلت وبكل ثقة طبعا أؤمن بإله أسرائيل. قالت لي ألم يقل لك إن رأيت أخوك محتاج لا تقسى قلبك ؟ قلت نعم قال هذا ولكن هذه الوصية صعبة مثل وصايا أخرى صعب أن ننفذها قالت: ليست هذه الوصية صعبة ولا أى وصية صعبة ولكن قلبك هو قاسى وصعب، ثم قالت: لا تعوقنى على أن أذهب معها وتركتنى لتتابع حديثها مع حماتها وإلحاحها عليها.

نكست رأسى ومضيت وأنا آسف على نفسى وعلى قلبى القاسى وتنهدت وصليت أن يعطينى الله قلبا مترفقا حانيا يبصر احتياجات أخى ولا أمتنع عنه

” ولا أقسى قلبى فيما بعد “

غير مستطاع

 ” فنطر إليهم يسوع وقال: عند الناس غير مستطاع ، ولكن ليس عند الله ، لأن كل شيء مستطاع عند الله “

(مرقس 27:10)

 حيرتنى عبارة ” عند الناس غير مستطاع ” كيف ؟ مع كل هذه التكنولوجيا وهذا التقدم العلمى والقدرات الخارقة أعتقد أن عبارة ” عند الناس غير مستطاع ” قد لا تنطبق الآن.

أخذنى خيالى لأتصور نفسى على شاطىء البحر وإذا بسباح يجيد السباحة قد قفز إلى الماء وأخذ يسبح ويدخل إلى العمق بكل مهارة وهو مستمتع بالسباحة حتى اختفى عن الأنظار. وفجأة إذا بريح وعاصفة قوية جدا وإذا بالأمواج تتعالى لعدة أمتار والعاصفة تشتد وتشتد والأمواج تعلو وتعلو وبكل عنف لدرجة أننى لم استطع الوقوف على الشاطىء من شدة الريح . جريت إلى مسكنى لأنجو بحياتى وفى الغد سألت عنه وعرفت أنه مات لأنه لم يستطع ان يقاوم هذه العاصفة . فتذكرت حينما قال التلاميذ للمسيح ” يا معلم أما يهمك أننا نهلك؟” (مرقس 38:4) ، فأحنيت وجهى فى خجل وقلت عند الناس غير مستطاع.

فى إحدى المرات ذهبت إلى المستشفى لأزور شابا ووالده كانا قد نجيا من حادثة مروعة بينما ماتت الزوجة والابن الآخر. كان كل منهما فى حجرة مختلفة وكان الأب فى حال أفضل بكثير من الإبن . حينما زرت الإبن وجدته فى غيبوبة كاملة ولم يكن هناك اية محاليل أو أدوية موصلة إلى شرايينه فسألت عن السبب فقالوا لا نستطيع أن نفعل له شيئا قبل ان يفيق من غيبوبته إن اراد الله له عمرا. وكانت هذه المستشفى واحدة من أفضل مستشفيات أمريكا . فأحنيت رأسى بخجل وقلت ” عند الناس غير مستطاع “

وإذا بك يا إلهى القدير ترفع رأسى كى ما أنظر مجدك وجلالك وتقول لى :

” لكن ليس عند الله ، لأن كل شىء مستطاع عند الله “

الخوف

“ولكن أقول لكم يا أحبائى لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر) ” لو4:12)

جلست لأتأمل فى عبارة ” لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ” وأتصور كيف لا أخاف ليس من الموت فقط بل من القتل وإذا بى أجد أن الأمر ليس هينا . وجدت نفسى لا أخاف من القتل أو الموت فقط بل أخاف من الذين لهم سلطة أن يقووا علىِ بسلطتهم ويتسببوا فى إيذائى وأخاف من الأقوياء لئلا بقوتهم يبطشوا بضعفى أو من الكثرة لئلا يغلبونى وأنا وحدى! تأملت الآية ووجدت أن الخوف يتسرب إلى نفسى من نوافذ كثيرة.

عدت لأنظر إلى الموت فوجدت أن الموت ليس موت الجسد فقط فهناك أنواع كثيرة من الموت والقتل . ربما ودون ان أدرى قد قتلت آخرين نفسيا أو معنويا . وإذا بالروح يأخذنى إلى سفر التكوين الآصحاح التاسع والعشرين لأرى كيف قتل يعقوب ليئة حينما أشعرها بأنها مكروهة وأنه لا يحبها وتصورت كيف كان يخاطبها بحدة وبدون مشاعر لطف أو حب, أو كيف كان يحتقرها ويرذلها فى كل شىء بينما كان يقدر راحيل فى أتفه الاشياء. حتى العلاقة الزوجية كيف كان يشعرها أنه متضرر أن يكون معها بينما هو شغوف أن يكون مع راحيل وىظهر نحوها كل اشتياق ورغبة . فى كل هذه الأمور كان يعقوب يقتل ليئة دون أن يدرى . وهكذا أنا أيضا أفعل الأمر بصورة أو بأخرى مع من أعيش معهم أو أتعامل معهم.

ولكننى وجدت الرب يهمس فى أذنى ويطمئننى بأن من أخافهم ” ليس لهم ما يفعلون أكثر ” ويفتح عينى لأرى أنهم محدودين فى سلطتهم وقوتهم وأنه ليس لهم أن يلقوا النفس والجسد فى جهنم وأن الله وحده هو الذى له هذا السلطان . لقد فتح عينى أيضا لأرى أنواع الموت الأخرى لئلا أتسبب فى قتل آخرين أو أدع آخرين يقتلونى.

أشكرك يا ربى يسوع المسيح أنك شجعتنى قائلا ” لا تخف” وأشكرك أن طمأنتنى أن ” ليس لهم ما يفعلون أكثر ” وأسألك يا إلهى إن خفت ثانية إهمس فى إذنى وقل

” لا تخف”